اليوم الجديد

بوينج: ربع مليون وظيفة في الطيران خلال عقدين بالشرق الأوسط

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
بوينج: ربع مليون وظيفة في الطيران خلال عقدين بالشرق الأوسط, اليوم الثلاثاء 6 مايو 2025 01:57 مساءً

بوينج: ربع مليون وظيفة في الطيران خلال عقدين بالشرق الأوسط

نشر بوساطة محمد الحيدر في الرياض يوم 06 - 05 - 2025


يشهد قطاع الطيران في المملكة تحولًا لافتًا يُعاد به تشكيل ملامح القطاع، تقوده رؤية طموحة تُعلي من قيم الشمولية والابتكار. وبينما يشهد قطاع النقل الجوي العالمي تطورات متسارعة، لا تكتفي المملكة بمواكبة هذا الزخم، بل تمضي – عبر خطط استراتيجية مدروسة – نحو رسم مسار جديد ينسجم مع أهداف رؤية 2030، التي جعلت من الطيران محورًا رئيسًا لتحقيق التنمية الوطنية. ولا يقتصر هذا التوجُّه على التوسع في تشييد المطارات أو زيادة حجم الأساطيل الجوية، بل يتعداه إلى تأسيس منظومة متكاملة تدعم النمو الاقتصادي المستدام، وتُعزز تمكين الكفاءات المحلية، وتفتح آفاقًا غير مسبوقة أمام الفرص النوعية.
وفي خضم هذا التحول الجذري، تستثمر المملكة بشكل واسع في مجالات التصنيع المتقدم، وتنمية المهارات التقنية للقوى العاملة، وتوظيف الابتكار التكنولوجي؛ ما يُسهم في إحداث نقلة نوعية بالقطاع، ويمهد الطريق أمام الجيل الجديد من السعوديين – ولا سيما الشابات الطموحات – للإسهام في رسم مستقبل صناعة الطيران، بدءًا من التصميم الهندسي ووصولًا إلى إدارة العمليات الجوية.
وتُؤكد توقعات شركة بوينج للعقدين المقبلين على ضخامة الفرص الواعدة في المنطقة؛ حيث تشير التقديرات إلى حاجتها إلى ما يقرب من ربع مليون متخصصفي قطاع الطيران، بينهم 68 ألف طيار، و63 ألف فني صيانة طائرات، و104 آلاف من طواقم الخدمات الجوية. وعلى الرغم من هذا الطلب المتصاعد، تظل نسبة مشاركة المرأة في القطاع – وفق بيانات منظمة الطيران المدني الدولي (ICAO) – محدودة للغاية، إذ لا تتجاوز 5% من إجمالي العاملين في مجال الطيران بالشرق الأوسط.
ويُشكّل هذا التفاوت في التمثيل النوعي تناقضًا صارخًا مع الإنجاز الكبير الذي حققته المرأة السعودية في سوق العمل عمومًا؛ فقد ارتفعت نسبة مشاركتها من 17% في عام 2016 إلى نحو 37% بنهاية عام 2023، متجاوزة بذلك الهدف المُعلن في رؤية 2030 والبالغ 30%. ويُعَدُّ هذا التحوُّل محطة تاريخية، ودليلًا قاطعًا على الكفاءة العالية التي تتمتع بها السعوديات، وقدرتهن على الريادة في مختلف المجالات، بما فيها صناعة الطيران التي طالما نظر إليها على أنها حكرٌ على الرجال.
ولا تُخفي التحديات التي تواجهها المرأة في هذا القطاع – كالأعراف المجتمعية، وصعوبة الوصول إلى فرص التدريب، والعقبات المؤسسية – حجم الفرص الاستثنائية الكامنة في تعزيز مشاركتها. فمن شأن تجاوز هذه المعوقات أن يُطلق العنان لطاقات النساء، ويشجعهن على خوض غمار مسارات مهنية مليئة بالتحديات والإنجازات في قطاع الطيران سريع النمو، مما يجعلهن شريكات فاعلات في تشكيل مستقبله.
ولعلَّ التغيير الأبرز يتمثل في التحول الثقافي والاقتصادي الجاري حاليًا، والذي تقوده إرادة سياسية داعمة، وتعززه مبادرات تعليمية طموحة، وشراكات استراتيجية مع القطاع الخاص، تُكرس جميعها لتعزيز الشمولية. ومن أبرز الأدلة على ذلكبرامج (STEM) المتخصصة في العلوم والتقنية والهندسة والرياضيات؛ ومبادرات التدريب المهني المُكثَّف؛ ومشاريع الإرشاد الوظيفي والتي تهدف – مجتمعةً – إلى تأهيل المرأة وإتاحة الفرصة لها لإثبات جدارتها في هذا المجال الحيوي.
وتتعزز هذه الجهود المحلية بتضافرها مع البرامج الدولية والإقليمية، مثل مبادرة القوة العالمية للمهارات في الطيران والفضاء التابعة لمنظمة الطيران المدني الدولي(ICAO)، التي أُطلقت العام الماضي لتعزيز تنمية القوى العاملة الشاملة استعدادًا للجمعية العمومية المقبلة للمنظمة في 2025. وعلى الصعيد الإقليمي، تبرز منصات داعمة مثل "المرأة في الطيران – الشرق الأوسط" و"شيهانة"، اللتين تعملان على بناء شبكات تمكين قوية للنساء في دول مجلس التعاون الخليجي، بما فيها المملكة العربية السعودية.
ومن المبادرات الرائدة في هذا السياق، حملة "Pick Up Your Wings and Flyالتي أطلقتها شركة بوينج عبر منصة إنستغرام، بهدف تحفيز الشابات في المنطقة على استكشاف فرص العمل في قطاع الطيران. وتسعى الحملة إلى تسليط الضوء على نماذج نسائية ناجحة داخل القطاع، حيث تُشارك هؤلاء الرائدات تجاربهن المهنية، ونصائحهن حول التعليم والتدريب، لتكون قصصهن مصدر إلهام للجيل الناشئ.
وقد بدأت المبادرة تجريبياً في دولة الإمارات العربية المتحدة، ثم توسعت لتشمل المملكة مع مطلع عام 2025 عبر شراكة استراتيجية مع جامعة الفيصل، الشريك الأكاديمي لشركة بوينج. وجاءت هذه الخطوة انطلاقًا من التزام الطرفين بدعم الشباب السعودي، والاستثمار في تعزيز برامج (STEM) المتخصصة، كمدخل استراتيجي للتواصل المباشر مع المواهب الشابة الواعدة في مجال الطيران.
وتندرج هذه المبادرة ضمن التزام بوينج الأوسع نطاقًا ببناء قوة عاملة مستقبلية في قطاع الطيران، سواء داخل السعودية أو على مستوى المنطقة. ومن خلال شراكاتها مع الجامعات، وبرامج دعم الابتكار العلمي، والمشاركة المجتمعية الفاعلة، تسعى الشركة إلى تمكين الشباب – خاصة الفتيات والنساء – وإشراكهم في صناعة قطاع طيران يعكس التنوع الغني لمجتمعات المنطقة. وتُشكّل النساء والفتيات اليوم ما نسبته 60% من إجمالي المشاركين في برامج بوينج المجتمعية بالشرق الأوسط وأفريقيا، وهي نسبة تُجسّد حجم التقدم المُحرز، وتُلمح إلى إمكانات أكبر تنتظر التحقيق.
ولا ينبغي أن يقتصر الابتكار في قطاع الطيران على جنسٍ دون آخر؛ ففي المملكة، تتزايد أعداد السعوديات المنخرطات في تخصصاتٍ كانت حكرًا على الرجال، مثل صيانة الطائرات، وإدارة العمليات الجوية، ومراقبة الحركة الجوية. وسواء تعلق الأمر بتصميم الجيل القادم من الطائرات، أو تطوير تقنيات الطائرات المسيّرة، أو قيادة جهود الاستدامة البيئية في القطاع، فإن النساء السعوديات يلعبن أدوارًا محورية في صياغة مستقبل صناعة الطيران.
ويجسّد هذا الطموحَ النموذجُ الاستثنائي لريانة برناوي، أول رائدة فضاء سعودية، التي شكّلت رحلتها التاريخية إلى محطة الفضاء الدولية إنجازًا وطنيًا مبهرًا، ورسالةً ملهمةً إلى كل شابة سعودية تُحلّق أحلامها نحو آفاقٍ لا تعرف المستحيل.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.




أخبار متعلقة :