نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
عين على المستقبل.. العلم والتنافس العالمي, اليوم الأحد 4 مايو 2025 02:45 صباحاً
نشر بوساطة مشاري النعيم في الرياض يوم 03 - 05 - 2025
عين على المستقبل لقاء نظمته مؤسسة عبدالله الفوزان للتعليم في مقر مؤسسة الملك عبدالعزيز ورجالة للموهوبين (موهبة) وبالتنسيق مع اللجنة الوطنية للتربية والثقافة والعلوم، هذا اللقاء ربما يحيلنا إلى "بيت الداء" الذي يجعل العلماء السعوديين متراجعين درجة أو أكثر عن العلماء في بعض دول العالم..
لم يعد التنافس محليا، في كل مجالات الحياة، فحتى تقيس قدراتك وحتى تستطيع أن تحدد درجة إنجازك يجب أن تدخل في معترك التنافس العالمي، وهذا ما تعمل عليه مؤسسة عبدالله الفوزان للتعليم، فللمرة الثانية خلال عامين نظمت لقاء علميا عالميا بعنوان "عين على المستقبل". ركّز اللقاء على تشجيع العلماء السعوديين في مجالات العلوم والتقنية والهندسة والرياضيات STEM كي يخوضوا تجارب عالمية يتعرّفون فيها على أنفسهم وإمكاناتهم، قبل أن يتعرفوا فيها على علماء العالم. تدور التحديات هنا حول سؤال محوري هو: هل يستطيع العالم السعودي منافسة العلماء في باقي مناطق العالم؟ وإذا كان هناك فجوة في إمكانية هذا التنافس، فكيف يمكن اكتشافها؟ يبدو أن اللقاء يهدف إلى "تشخيص" حالة العالم السعودي الشاب، على وجه الخصوص، وتحديد الإشكالات والتحديات التي يواجهها، خصوصا وأن مؤسسة عبدالله الفوزان أُنشئت في الأساس لإدارة وتطوير أول جائزة سعودية في اليونسكو لتشجيع العلماء الشباب في مجالات "ستم" وتشمل جميع العلماء في أنحاء العالم، بحيث يفوز خمسة علماء، عالم من كل منطقة من مناطق اليونسكو الخمسة (آسيا والباسيفيك، أفريقيا، العالم العربي، أوروبا وأميركا، أميركا اللاتينية). كما أنها الجائزة الوحيدة في العالم في مجال "ستم" المخصصة للعلماء الشباب بين 18 و 40 سنة وتمنح كل عامين.
إذا لقاء "عين على المستقبل" يركز على هذا المناخ العالمي، الذي تفتحه هذه الجائزة السعودية الفريدة التي أسسها الأستاذ عبدالله الفوزان في اليونسكو وحظيت بموافقة سامية، فالفائزون سيكرّمون في حفل كبير في مقر اليونسكو في باريس وستعرض أعمالهم على الجمهور. هذا المناخ التنافسي ربما يفتقده العالم السعودي، فقد سألني أكثر من زميل: لماذا لم تفكروا في تأسيس جائزة محلية بدلا من هذه الجائزة العالمية؟ لقد كانوا يقصدون لماذا نعمل جائزة لعلماء العالم ولا نقصرها فقط على علمائنا؟ كان ردي دائما أن هناك العديد من الجوائز المحلية، وهي مرموقة، لكنها لم تخلق المناخ التنافسي العالمي لدى العالم السعودي، لا يكفي أن نوزع جوائز على بعضنا، بل يجب أن نعرف المسافة التي وصلنا إليها، فالجائزة موجّهة للعالم السعودي الشباب وللجامعات السعودية ومراكز البحث العلمي، لكن حتى يحصلوا عليها يجب أن يبحثوا أولا عن جوانب النقص التي تجعلهم لا يحصلون على جوائز عالمية. في عالم اليوم يجب ألا نتوقف عند التنافس مع أنفسنا، فالعالم من حولنا يجري ويتقدم بسرعة، ومن سيكون له قصب السبق في العلوم سيقود العالم، وهذا ما نطمح له.
حضر للقاء مجموعة من العلماء من جميع أنحاء العالم منهم خمسة من محكمي جائزة اليونسكو/ الفوزان، وكذلك أعضاء اللجنة العالمية التي أسستها اليونسكو وأطلقت عليها "خبراء ستم". هذه اللجنة اجتمعت لأول مرة في تاريخها في هذا اللقاء في مدينة الرياض. الحدث يتيح الفرصة للتعرف على قامات في مجالات العلوم المختلفة ويفسح المجال للعلماء الشباب أن يتعرفوا على تاريخ هؤلاء العلماء وأسلوب حياتهم والأسباب التي أدت إلى تميّزهم. أحد الأهداف المهمة هو خلق "المناخ العلمي" Scientific Eco-System والمقصود هنا هو تشخيص المناخ العلمي في الجامعات ومراكز البحث السعودية، فهل يوجد لدينا "مناخ علمي" ينتج علماء عبر نُظم التعليم التي نتّبعها، أم يفترض أننا نتوقف لبرهة ونُفكر في الكيفية التي يجب أن نعيد بها بناء نظامنا التعليمي. أحد الذين سألتهم، وكان عالما سعوديا تجاوز مرحلة الشباب، حول رأيه في "المناخ العلمي لدينا"، كانت إجابته محبطة، وقال إنه لا يوجد مناخ يمكن أن نقول عنه إنه "ينتج علماء"، فنحن مثلا لسنا مثل روسيا ونظامها التعليمي الذي يخلق التعلق بالعلوم منذ الصغر، فذلك النظام يحول مئات الآلاف من الطلاب إلى علماء، ليس بالضرورة أن ينجح كثير منهم في تحقيق "إنجاز" علمي لكن بعضهم يفعل ذلك. المناخ العلمي، ليس انتقائيا، هذا ما كان يريد أن يقوله الزميل، فليس العبرة أن تنتقي المتميزين فقط بل يجب أن تحول النظام التعليمي بأكمله إلى نظام يصنع العلماء الذين لا تتوقعهم.
دون شك أن هذه التطلعات طموحة، لكنها ممكنة، وهذا بيت القصيد، ففلسفة المؤسسة أن تعمل وفق الممكن تحقيقه لكنه ربما يخطو خطوة تسبق الواقع الذي نعيشه، ولعل هذه الفلسفة تركز بشكل واضح أن نتعرف على أنفسنا، فكثير من الزملاء يتذمرون من المناخ البحثي في الجامعات السعودية، رغم الإنفاق الكبير والدعم السخي الذي تقدمه الدولة. يبدو أن المشكلة لا تكمن في الإمكانات المادية فقط، ودون شك تمويل البحث العلمي مسألة أساسية، لكنها تكمن أكثر في العقول التي تدير مؤسسات البحث العلمي، فهذه العقول لا تفكر إلّا في البقاء وليس في الإنجاز. عقول لا تسعى لتوسيع الحدود المعرفية والتقاطع مع العالم فيما يفكر فيه وفي المستقبل الذي يريد أن يصنعه. تريد أن تتقوقع وتبني حول نفسها جدارا سميكا حتى لا يكتشف أحد تقصيرها. ربما يكون لقاء عين على المستقبل الذي نظمته مؤسسة عبدالله الفوزان للتعليم في مقر مؤسسة الملك عبدالعزيز ورجالة للموهوبين (موهبة) وبالتنسيق مع اللجنة الوطنية للتربية والثقافة والعلوم وشرّفه الأمير سلطان بن سلمان ورعاه معالي وزير التعليم، يحيلنا إلى "بيت الداء" الذي يجعل العلماء السعوديين متراجعين درجة أو أكثر عن العلماء في بعض دول العالم.
انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.
أخبار متعلقة :