اليوم الجديد

قياس الأثر.. خطوة محورية نحو الاستدامة

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
قياس الأثر.. خطوة محورية نحو الاستدامة, اليوم الاثنين 28 أبريل 2025 01:41 مساءً

قياس الأثر.. خطوة محورية نحو الاستدامة

نشر بوساطة عايض بن علي القحطاني في الرياض يوم 28 - 04 - 2025


تولي العديد من المنظمات، سواء كانت حكومية أو خاصة أو غير ربحية، اهتمامًا كبيرًا بصياغة الخطط الاستراتيجية ورسم البرامج والمبادرات وفق أهداف محددة ومؤشرات أداء طموحة، تُسهم في تحقيق رؤاها المستقبلية.
ورغم هذا الجهد المبذول في مرحلة التخطيط، إلا أن الكثير من هذه المنظمات تهمل جانبًا بالغ الأهمية في دورة حياة البرامج، وهو "قياس الأثر"؛ والذي يعد الأداة الرئيسة لاكتشاف مدى فاعلية التنفيذ، وتحديد مكامن القصور، ومعالجة التحديات الطارئة التي قد تعيق تحقيق الأهداف المرجوة، إن غياب آليات قياس الأثر لا يحد فقط من فرص التحسين المستمر، بل قد يؤدي إلى استمرار الأخطاء، وتكرار الهدر في الموارد، وانخفاض مستوى التأثير الحقيقي على المستفيدين.
فقياس الأثر لا يُعد مرحلة لاحقة فقط، بل هو جزء لا يتجزأ من عملية التخطيط والتنفيذ والتقييم، يسهم في تعزيز الشفافية، ورفع جودة الأداء، وضمان استدامة النتائج المحققة. وهو عملية منهجية تهدف إلى تحديد وقياس وتحليل التغييرات الفعلية والمحتملة التي تحدث نتيجة لتنفيذ مشروع أو برنامج أو سياسة، سواء كانت هذه التغييرات إيجابية أو سلبية، مبشرة أو غير مباشرة، مقصودة أو غير مقصودة.
برزت أهمية قياس الأثر كأداة استراتيجية لا غنى عنها لتحقيق الاستدامة وتطوير الأداء المؤسسي، في ظل التحديات المتسارعة التي تشهدها بيئة الأعمال الحديثة. فاليوم، لم يعد كافيًا تنفيذ المبادرات والبرامج دون تقييم دقيق لأثرها الفعلي، بل أصبح من الضروري تبني منهجيات واضحة لقياس النتائج والمخرجات، وتحديد مدى مواءمتها مع الأهداف الاستراتيجية للمؤسسات ومع مستهدفات رؤية المملكة 2030.
قياس الأثر ليس رفاهية، بل ضرورة. فهو يُمكّن المنظمات من فهمٍ عميق لتأثير مشاريعها وبرامجها، ليس فقط على مستوى العائد المالي، بل الأهم من ذلك، على المستويات الاجتماعية والبيئية والتنموية. ويُعد هذا القياس مدخلًا أساسيًا للتحسين المستمر في الأداء، حيث يُسهم في تحديد الفجوات، وتطوير الخطط، ورفع كفاءة الموارد، وضمان التوجيه السليم للجهود.
ومن خلال مؤشرات الأداء النوعية والكمية، تستطيع الجهات المعنية بناء قرارات مستندة إلى بيانات دقيقة، مما يُعزز من جودة التخطيط الاستراتيجي، ويُسهم في رفع معدلات الشفافية والمساءلة، ويُحقق رضا المستفيدين من الخدمات أو المبادرات.
وقد أكدت التجارب الدولية والمحلية أن المؤسسات التي تتبنى سياسات واضحة لقياس الأثر، تُحقق تقدمًا ملموسًا في مسارات النمو والتميز. ففي القطاع الحكومي، على سبيل المثال، يُعد قياس الأثر ركيزة لتقييم كفاءة البرامج التنموية، بينما في القطاع الخاص يُسهم في تعزيز السمعة المؤسسية وجذب المستثمرين. أما في القطاع غير الربحي، فيُعد وسيلة لضمان استدامة التمويل وتعظيم الأثر المجتمعي.
إن الاستثمار في بناء نظم فعّالة لقياس الأثر يتطلب تمكين الكفاءات الوطنية، وتبني أدوات تكنولوجية ذكية، وتعاون تكاملي بين القطاعات الثلاثة: الحكومي والخاص وغير الربحي. كما يتطلب تبني إطار وطني موحد يراعي الخصوصية التنموية للمملكة ويُترجم مستهدفات رؤية 2030 إلى نتائج قابلة للقياس والتحليل، مع أهمية الاستفادة من النماذج الدولية الرائدة في هذا المجال.
في الختام، فإن تبني ثقافة قياس الأثر وتفعيلها بفعالية يمثل بوابة لتطوير الأعمال، ورفع الكفاءة المؤسسية، وتحقيق التوازن بين الربحية والاستدامة، مما يجعل منه ركيزة أساسية لأي منظمة تسعى إلى مستقبل أكثر استدامة وابتكارًا.
*مستشار التواصل المؤسسي - خبير المسؤولية الاجتماعية والاستدامة.
X: @Ayedhaa

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.




أخبار متعلقة :