نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
تَذكُّرُ النِّعم, اليوم الخميس 24 أبريل 2025 01:50 صباحاً
نشر بوساطة أ حمزة بن سليمان الطيار في الرياض يوم 24 - 04 - 2025
المدمن على تذكُّر نعمةِ اللهِ تعالى آتٍ باباً من أبواب الظفر بالمطلوب، والنجاة من المحذور، فهو إذا رأى نعمةَ الله تعالى على غيره ولم يتسخط على حالِه هو، بل استحضر أنه واهب فلانٍ هذه النعمة هو ربّي، ولستُ محجوباً عن بابه، فَسَأَلَهُ كان حريّا أن يستجيب له..
الإنسان مُحاطٌ بما لا يكاد يُحصيه من نعم الله تعالى عليه، فمنها الظاهرة التي لا تخطئها الأعين، ومنها الخفيّة التي قد يغفل عنها من يغفل، وعلى العبد أن يغتبط بنعم الله تعالى عليه، وأن يعتقد بقلبه أنها نعمٌ عظيمة، وأن واهبَها هو ربُّ العالمين، وكلُّ نعمةٍ منها إذا سُلِبت منه وجدَ أثر ذلك، وإن كانَ حين توفُّرِ بعضها غافلاً عنها، كما عليه أن يُقِرَّ بذلك بلسانِه؛ ولهذا شرع الله تعالى لنا أن نقرأ سورةَ الفاتحة في صلواتنا، وهي مفتتحة بحمده تعالى، وفي خواتمها التضرُّع إليه؛ ليجعلنا من عباده الذين أنعم عليهم، كما أن على العبد أن تكونَ أعماله وتصرُّفاته مُنبئةً بشكرِه لنعمِ الله تعالى، فيطيعه؛ لأنه المنعم، ويوحّده في ربوبيّته وألوهيته وأسمائه وصفاتِه؛ لأنه المستحقُّ لذلك، ويسخِّر ما أنعم به عليه فيما يزيده قرباً منه، ويصونُ النعم التي منحه الله تعالى إيّاها؛ لأنها عطيةٌ كبيرةٌ من وهابٍ جليل؛ فلا يبدّدها ولا يتلاعب بها، فمن أنعم الله تعالى عليه بالصحة في بدنِه حافظ على ذلك، وانتبه لجزالة هذه العطيّة، ومن وهبه الذريّة قام عليها أحسنَ قيامٍ تقديراً لهذه النعمة، ومن وهبه المالَ لم يُسرِف فيه ولم يقتر، وإذا وهب أهل بلد الأمنَ والرخاء، فعليهم أن يتذكّروا أهميّة هاتين النعمتين، وأن يحافظوا عليهما، ولي مع تَذكُّرِ النعم وقفات:
الأولى: نصَّ الله تعالى في أكثر من آية على الأمر بذكر نعمته، وهذا الأمر ورد في بعض الآيات موجهاً إلى خواصِّ أنبيائه، كقوله تعالى لنبينا عليه الصلاة والسلام: (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ)، وقوله لعيسى عليه الصلاة والسلام: (إِذْ قالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلى والِدَتِكَ)، وقد يتوجه إلى عموم المؤمنين كقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ)، وفي هذا التنويع للأمر بهذه العبادة بيانٌ لأهميَّتِها، ولا يستغرب أن تكون كذلك، فذكر العبد لنعمة ربه بقلبه ولسان مقاله وحاله بركةٌ ويُمنٌ عليه وعلى إخوانه، أما كونه بركةً عليه؛ فلأنه خيرُ معين له على الامتثال لأوامر ربّه المُنعمِ، واجتناب نواهيه، وهو سببٌ لبقاء النعمة وزيادتها، كما قال تعالى: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ)، وأما كونُه بركةً على إخوانه؛ فلما فيه من تنبيه الغافل، وتذكير النّاسي، ومما ينبغي أن يهتمّ به المسلمُ أن يرزقه الله تعالى شكرَ نعمته، وأن يلهِم إخوانَه هذه الخصلة، فالشاكرُ للنعمة المثني بها على ربّه قائمٌ بسبب من أسباب دوام النعمِ العامّة، فهو بهذا يُسدي إلى مجتمعه معروفاً كبيراً، وقائم على ثغر كبيرٍ؛ حيث يسعى لئلا يتهاون بالنعمة، فتؤتى نعم الله على أهله من قِبَلِه.
الثانية: نعمةُ الله تعالى على عباده متكاثرةٌ، لا سبيل إلى إحصائها، وقد وصفها بذلك، فقال: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا}، وقد ذكروا أن الحسن البصريَّ ردد هذه الآية حتى أصبح، فسئل عن ذلك، فَقَالَ: «إِنَّ فِيهَا مُعْتَبَرًا، مَا نَرْفَعُ طَرَفًا وَلَا نَرُدُّهُ إِلَّا وَقَعَ عَلَى نِعْمَةٍ، وَمَا لَا نَعْلَمُهُ مِنْ نِعَمِ اللَّهِ أَكْثَرُ»، وصدق رحمه الله تعالى، فالطرف نفسه نعمةٌ، والذهن المفكر في النعم نعمة، وكونُ الإنسانِ ينظر ويعتبر ويفكر في نعم الله تعالى نعمةٌ، وكل أعضاء الإنسان ووظائفها نعمة، ومن الخطأ أن يتسخّط الإنسانُ على فوت نعمة معيّنة فاتته أو سُلبت منه، ويتغافل عن بقية النعم المتراكمة عليه، مما يتمنّاه من لم يجده، وهذا عكس التوجيه النبويِّ في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله تعالى عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «انْظُرُوا إِلَى مَنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ، وَلَا تَنْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَكُمْ، فَهُوَ أَجْدَرُ أَنْ لَا تَزْدَرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ»، أخرجه مسلم.
الثالثة: المدمن على تذكُّر نعمةِ اللهِ تعالى آتٍ باباً من أبواب الظفر بالمطلوب، والنجاة من المحذور، فهو إذا رأى نعمةَ الله تعالى على غيره ولم يتسخط على حالِه هو، بل استحضر أنه واهب فلانٍ هذه النعمة هو ربّي، ولستُ محجوباً عن بابه، فَسَأَلَهُ كان حريّا أن يستجيب له، كما صنع نبيُّ اللهِ زكريّا عليه السلام حين رأى عند مريمَ من رزق الله تعالى ما لم تجرِ به العادةُ، فتحركت نفسه إلى سؤال ربّه الذريةَ فاستجاب دعاءه، وبالمقابل إذا رأى من سلبَ نعمةً من النعم حمدَ الله الذي عافاه من ذلك البلاء، فكان ذلك سبباً في بقاء نعمة الله عليه، فعن عُمَرَ رضي الله تعالى عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَليه وسَلم قَالَ: (مَنْ رَأَى صَاحِبَ بَلاَءٍ، فَقَالَ: الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي عَافَانِي مِمَّا ابْتَلاَكَ بِهِ، وَفَضَّلَنِي عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقَ تَفْضِيلاً، إِلَّا عُوفِيَ مِنْ ذَلِكَ البَلاَءِ، كَائِنًا مَا كَانَ مَا عَاشَ)، أخرجه الترمذي، وصححه الألباني.
انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.
أخبار متعلقة :