نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
السعودية وإعادة رسم خريطة التجارة العالمية, اليوم الأربعاء 9 أبريل 2025 12:17 صباحاً
نشر بوساطة بينة الملحم في الرياض يوم 09 - 04 - 2025
الاستثمار في العلاقات الدولية التي تتميز بالمنافسة والصراعات العالمية هو استثمار يغير قواعد اللعبة، ويعزز القواعد الجيوسياسية للمملكة من خلال خلق روابط وعلاقات أقوى مع اللاعبين الرئيسين وتعزيز نفوذ مصالحنا.. وإعلان السعودية كشريك يربط الشرق بالغرب يحقق التوازن ويوفر الاستقرار للجغرافيا السياسية في الأوقات الصعبة، ما يحفز على خلق المبادرات الناجحة وتحمل مخاطرها..
"نخسر ما يقارب تريليوني دولار سنويًا في التجارة"، يذكر الرئيس الأميركي دونالد ترمب في تصريحه الأخير على إثر طوفان الرسوم الجمركية الأميركية على الاقتصاد العالمي: لدينا فرصة لإعادة ترتيب أوراق التجارة!
بدأ الرئيس الأميركي دونالد ترمب قبل شهرين تنفيذ رؤيته الاقتصادية بشأن فرض رسوم جمركية على بعض الدول، بدءاً بكندا والمكسيك والصين، قبل أن يغطي الطوفان معظم دول ومناطق العالم.
ما يريده الرئيس الأميركي ترمب هو إعادة هيكلة سلاسل الإمداد حتى يحقق هدف أميركا أولاً! ولكن في المقابل فإن استراتيجية المملكة كانت ترى المستقبل منذ رئاسة ترمب الأولى، فاستعدت بأسوار عالية بإستراتيجية تطوير سلاسل الإمداد والتوريد والمحتوى المحلي على المدى الطويل بخلق ميزة تنافسية لجذب أغلب الصناعات الدولية اللي عانت من السياسة الحمائية والتعريفات الجمركية، لأن السعودية تمتلك مزايا تنافسية مثل النفط ومشتقاته بأسعار منخفضة، والآن تبني مزايا نسبية جديدة مثل اللوجستيات والطاقة المتجددة والسياحة والتعدين والاقتصاد الرقمي والهيدروجين الأخضر وبرنامج مصانع المستقبل.
برزت محاولات عديدة منذ نهاية القرن التاسع عشر في تفعيل ممرات نقل وتطوير البنى التحتية لإزالة المخاطر وزيادة مرونة سلاسل التوريد وزيادة التنافسية وتعزيز الارتباط، لمواجهة نفوذ الصين، وفي السنوات الماضية تم إطلاق العديد من المبادرات، ومنها ممر النقل بين الشمال والجنوب بين الهند وإيران وروسيا عام 2000 لتطوير البنى التحتية وتسهيل النقل بين روسيا والهند وآسيا الوسطى ودول الخليج، وكذلك ممر النمو الآسيوي الأفريقي الذي أطلق عام 2017 بين الهند واليابان وأفريقيا ودول جنوب شرق آسيا، وكذلك خطة الربط بين آسيا وأوروبا التي اقترحها الاتحاد الأوروبي عام 2018، ومبادرة إعادة بناء عالم أفضل التي أطلقتها مجموعة السبع بقيادة الولايات المتحدة عام 2021، ومبادرة البوابة العالمية التي أطلقها الاتحاد الأوروبي عام 2021، ومبادرة الشراكة من أجل البنية التحتية العالمية التي اقترحتها مجموعة السبع بقيادة الولايات المتحدة، ومبادرة باور أفريقيا التي أطلقتها الولايات المتحدة مع الدول الأفريقية، وشبكة النقطة الزرقاء التي أطلقتها الولايات المتحدة مع أستراليا واليابان.
واليوم نتذكر حينما أعلن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان على هامش قمة مجموعة العشرين في نيودلهي، من خلال مذكرة تفاهم لمشروع الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا، والذي سيسهم في تطوير البنى التحتية التي تشمل سككاً حديدية، وسيربط موانئ الشرق الأوسط وأوروبا والهند، ويختصر طريق التجارة بنسبة 40 ٪ بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا، وسيوفر وظائف طويلة الأمد وزيادة التبادل التجاري وضمان أمن الطاقة ويسهم في تأسيس ممرات عبور خضراء عابرة للقارات.
يقع المشروع عند ملتقى القارة الأوراسية ونقطة عبور طريق التوابل وطريق الحرير القديم، وهو ما لا تريد القوى الأخرى رؤيته، وإذا كانت هذه المبادرات مناسبة فسيكون لها فوائد كبيرة للسعودية، لأن الفهم الأساسي لطبيعة النفس البشرية هو نفورها من الخسارة، ما يعني أن الصين والهند والدول الأوروبية والولايات المتحدة تواجه حالة من التعايش بين الفرص والمخاطر، فإن خوفهم من الفشل يتجاوز رغبتهم في النجاح أمام كل من طريق الحزام والطريق الصيني البري والبحري أو الممر الاقتصادي الهندي وهو ما يدفعهم ويحفزهم للمخاطرة.. قال وارن بافيت ذات مرة: "القاعدة الأولى في الاستثمار هي ألا تخسر المال أبدًا، والقاعدة الثانية هي لا تنسى القاعدة الأولى أبدًا" لهذا فإن السيطرة على المخاطر -وهو ما تجب مراعاته وأخذه في الاعتبار أثناء أي منافسة أو صراع، وربما الحضارة الغربية تمكنت من الهيمنة على العالم منذ ما يقرب من 200 عام- تعود لطبيعة البشر للنفور من الخسارة وهو ما حفزها لخلق المبادرات واستعدادها لتحمل المخاطر والمحاولة بجرأة.
إن استثمار هذه التناقضات في العلاقات الدولية التي تتميز بالمنافسة والصراعات العالمية هو استثمار يغير قواعد اللعبة، ويعزز القواعد الجيوسياسية للسعودية من خلال خلق روابط وعلاقات أقوى مع اللاعبين الرئيسين وتعزيز نفوذ مصالحنا، وإعلان السعودية كشريك يربط الشرق بالغرب يحقق التوازن ويوفر الاستقرار للجغرافيا السياسية في الأوقات الصعبة، ما يحفز على خلق المبادرات الناجحة وتحمل مخاطرها.
في المقابل ساهمت سلسلة من الأحداث المضطربة؛ مثل الجائحة والإغلاقات المشددة للقضاء على كوفيد 19 والحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين والحرب الروسية وأوكرانيا وأزمة الصين وتايوان والكوارث البيئية في أوروبا، في تسليط الضوء على إدارة مخاطر سلاسل التوريد العالمية وشكوك حول جدوى الاستعانة بمصادر خارجية بمناطق متعددة أدت إلى اختلالات العرض والطلب وزيادة معدلات التضخم وارتفاع أسعار السلع، فأصبحت الحاجة ملحة لتطوير إستراتيجيات وحلول مرنة قادرة على تحقيق التوازن بين العرض والطلب والتكيف مع الأزمات، للإسهام في تعزيز استقرار ونمو الاقتصاد العالمي.. ومن أجل تطوير إستراتيجية موحدة لاستقطاب سلاسل الإمداد العالمية أطلق ولي العهد الأمير محمد بن سلمان المبادرة الوطنية لسلاسل الإمداد العالمية، في خطوة لتعزيز موقع السعودية كحلقة وصل في سلاسل الإمداد العالمية، خاصة أن الكثير من الإنتاج الصناعي انتهى به المطاف في شرق آسيا مثل الصين وكوريا الجنوبية واليابان وإندونيسيا وماليزيا وفيتنام وتايلند والفلبين وسنغافورة ليس من قبيل الصدفة أو بسبب الأجور المخفضة، بل كانت هناك عوامل أكثر أهمية ساهمت في تعزيز مناخ الاستثمار الذي جلب سلاسل القيمة العالية Global value chains (GVCs)، مثل مؤشري حقوق الملكية الفكرية وحماية الملكية الفكرية، ومؤشر أداء الخدمات اللوجستية، ومؤشر اختبار الذي يختص بالقراءة والعلوم والرياضيات، واتفاقيات التعاون والشراكة التجارية، التي عززت انتقالها إلى اقتصاد متكامل، وهي نفس المؤشرات والعوامل والحوافز التي أولتها جولة ولي العهد الآسيوية، وأكدها إعلان سموه عن هذا الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا والذي يؤكد على دور المملكة القيادي عالمياً ويُعزّز مكانتها الاقتصادية لتصبح ضمن أكبر 15 اقتصاداً عالمياً بحلول 2030 من خلال الخلفية الاستراتيجية والأهمية الجيوسياسية في لعبة الشطرنج الكبرى.
انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.
أخبار متعلقة :