نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي: قصة كلمة خادمنا من الملك سلمان إلى أمير عسير, اليوم الخميس 21 أغسطس 2025 07:02 صباحاًقصة كلمة خادمنا من الملك سلمان إلى أمير عسيرنشر بوساطة محمد بن مفلح في الوطن يوم 21 - 08 - 2025ليست كل الأمسيات سواء؛ بعضها يمضي عابراً، وبعضها يترك في النفس أثراً أعمق من الكلام، وكأنه يكتب درساً للأجيال.في ذلك المساء بخميس مشيط، اجتمع أعيان المنطقة، وأبناء العمومة في ديوانية جبران، تلك الديوانية التي أنشأها ابن العم الدكتور سعيد بن جبران تخليداً لاسم والده، فغدت ملتقىً عامراً بالوفاء. ولم يكن الحضور هذه المرة عادياً، فقد لبّى الدعوة أمير منطقة عسير، صاحب السمو الملكي الأمير تركي بن طلال بن عبدالعزيز.لكن اللافت لم يكن فقط قدومه، بل كلمته التي افتتح بها حديثه: «جتني دعوة، وأنا ألبيها.. خصوصاً إذا كانت من رجل صادق وصامل وكريم». عبارة تختصر معنى كبيراً في هيئة موقف. فإذا كان أمير منطقة مترامية الأطراف، مثقلاً بالمسؤوليات والمهام، يحرص على تلبية دعوة صادقة، فما بالنا نحن نقصّر في إجابة دعوات أصدقائنا، وزملائنا، وأقاربنا؟ لفتة أراد الأمير أن تكون درساً صريحاً للمجتمع: بأن الوفاء لا يُقاس بالفراغ من المشاغل، بل بصدق النوايا، وحُسن الإجابة.وبين دفء الحضور، أخذ الأمير الحديث إلى محطة محببة إليه: التاريخ والفزعة. تحدث عن الدولة السعودية الأولى والثانية، ثم الثالثة على يد الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - مستعرضاً قصصاً من مواقف الفزعة التي شكّلت ملامح تلك العصور، حين كان القائد يفزع لشعبه، والشعب يفزع لقائده.ثم وصل بالحديث إلى الحاضر، مشيراً إلى أن الفزعة لم تنقطع، بل تجسدت في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله، وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله- حيث يلتقيان شعبهما بلغة واحدة: الوقوف صفاً واحداً في الملمات، والتسابق في نصرة القضايا العربية والإسلامية، والعزيمة في مواجهة كافة التحديات الداخلية والخارجية.ولم يجعل الأمير الفزعة حكراً على القادة وحدهم، بل وجّهها إلى كل سعودي، قائلاً إن هذه الخصلة جزء من هوية كل واحد منا. فلو اجتمع السعوديون في مكان واحد، وسُئلوا عن أبرز ما يميز أجدادهم، لأجاب كل واحد منهم برواية عن موقف فزعة عاشه أو سمعه: هذا مع جاره، وذاك مع رفيقه، وذلك مع قريبه، والآخر مع وطنه وقيادته. هنا تتضح الصورة: الفزعة ليست سلوكاً فردياً ولا موقفاً عابراً، بل سمة شعب بأكمله، وميزة يتفرد بها السعوديون عن كثير من الشعوب، لأنها خُصلة تُورث مع الدم، وتُروى مع التاريخ، وتُعاش في الواقع.وفي لحظة مؤثرة، استدعى الأمير موقفاً مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله، حين خاطبه الملك في أحد التوجيهات قائلاً له: «خادمنا». يصف الأمير أنه شعر بسعادة غامرة، بل بنشوة، لأن هذه الكلمة جعلته يزداد اعتزازاً بأن يكون خادماً للملك، خادماً للوطن، خادماً للعباد. وهنا تكمن الرسالة: إذا كان الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- قد اختار أن يُعرف نفسه بخادم الحرمين الشريفين، وإذا كان أمير منطقة يفاخر بأن يُقال له خادمنا، فما عذر أي مسؤول أن يرى موقعه إلا تكليفاً وخدمة؟ولم يتوقف الأمير عند ذلك، بل وجّه المراسم في إمارة عسير بألا تُلقى قصائد تمدح شخصه مستقبلاً، بل أن يُصرف المدح لأهله: للمؤسسين الأوائل، وللقيادة الرشيدة اليوم. وكأني أستشعر أن نية أمير عسير تقول: من يمدح رأس الصقر، فكأنه يمدح جناحيه أيضاً.وخُلاصة ما حمله ذلك المساء أن القيادة الحقيقية لا تُعرّف بالوجاهة ولا بالمديح، بل بالحضور والوفاء والخدمة والفزعة. وأن هذه الدولة المباركة، منذ مؤسسيها وحتى حاضرها، لم تقم إلا على قيمٍ حيّة: الفزعة التي توحّد، والدعوة التي تُجاب، والتواضع الذي يقرّب، والخدمة التي تشرف صاحبها مهما علت مكانته.