نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الشماتة.. عدالة القدر الإلهي, اليوم الثلاثاء 27 مايو 2025 01:35 صباحاً
نشر بوساطة مسفر آل شايع في الوطن يوم 27 - 05 - 2025
من أسوأ ما قد يتصف به الإنسان هو الشماتة، ذلك الخلق المذموم الذي يُظهر قسوة القلب، ويُغلف الاستعلاء بسخرية ظاهرها المزاح، وباطنها ازدراء. فالشماتة ليست فقط سوء تربية، بل جهل بأقدار الله، وغفلة عن تقلبات الأيام، ونقص في إدراك أن البلاء سنة كونية لا تميز بين شامت ومشموت.
من واقع تجربة شخصية، شهدت موقفًا لا يزال عالقًا في ذاكرتي، حين اعتاد أحد الزملاء السخرية من زميل له يعاني من عَرَجٍ دائم. لم يكن يمضي لقاء بينهما إلا وتخلله تعليق ساخر أو «نكتة» مؤذية، مستغلًا عجزًا لم يختره صاحبه. وظل هذا السلوك يتكرر، في مشهد مؤسف يكشف استخفافًا بمعاناة الآخرين وتجاوزًا لقيم الأخلاق والرحمة.
مضت السنوات وتفرقت السبل، حتى جمعتني به المصادفة بعد ثلاثة عقود. وجدته يراجع الأطباء إثر إصابة مزمنة في ساقه، وقد أصبح يعرج بالطريقة ذاتها التي طالما سخر منها. لم يكن مشهدًا عابرًا، بل كأنما القدر أراد أن يعيد ترتيب الأدوار، ويجعل الشامت يختبر ألم من كان يستهزئ به يومًا.
لا أروي هذه القصة شماتة به - معاذ الله - بل لأنها تختصر درسًا إنسانيًا بالغًا: أن لا أحد في مأمن من الابتلاء، وأن العافية لا تُمنح لتكون موضع فخر أو تندر، بل شكر وتواضع. والساخر اليوم قد يكون الباكي غدًا، وما يُضحكك اليوم قد يُبكيك لاحقًا.
الشماتة تُسقط الإنسان من أعين الناس، قبل أن تسقطه من عين الله، وقد جاء في الحديث الشريف: «لا تُظهر الشماتة لأخيك، فيعافيه الله ويبتليك».
ما أحوجنا اليوم إلى مجتمع يترفع عن السخرية، ويتسع صدره للرحمة، ويُدرك أن التراحم أساس التماسك. فالكرامة الحقيقية لا تكون في التندر بعثرات الآخرين، بل في الوقوف بجانبهم، ومواساتهم، والاعتبار من قصصهم قبل أن نصبح أحد فصولها.
انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.
0 تعليق