خلف كل بساطة عمق عظيم

سعورس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
خلف كل بساطة عمق عظيم, اليوم الاثنين 5 مايو 2025 04:06 صباحاً

خلف كل بساطة عمق عظيم

نشر في البلاد يوم 05 - 05 - 2025

3629431
كثيرًا ما نُخدع ببريق التفاصيل، ونغرق في ضجيج الكلمات، ونظن أن ما لا يُعلن لا يُوجد، وأن ما لا يُبهر لا يستحق التأمل. غير أن الحقيقة تقول: إن أعمق الأشياء لا تصرخ، وإن أنبل المشاعر لا تستعرض نفسها، وإن البساطة- بكل هدوئها ونقائها- قد تخفي وراءها عالمًا لا يُقاس بالعين المجردة.
البساطة ليست قِلة، وليست ضعفًا في الإمكانات، بل هي وعي ناضج، يختار ما يبقى ويتخلى عمّا يزول. هي موقف، ومبدأ، وأسلوب حياة لا يقدر عليه إلا من تجرّد من التكلّف، ومن أراد المعنى أكثر من المظهر. فالقلوب التي عرفت الزحام، تشتاق للبساطة، والعقول التي أرهقها الضجيج، تبحث عن الصفاء، والأرواح التي مرت بتجارب عميقة، تميل إلى الصمت، لا عن فراغ، بل عن امتلاء.
كم من إنسان بسيط في مظهره، عميق في أثره. لا يرفع صوته، ولا يتصدر المجالس، لكنه يغيّر ما حوله؛ بحضوره، بأخلاقه، بكلماته التي تأتي في الوقت المناسب. وكم من فكرة بدت في ظاهرها عادية، لكنها كانت شرارة لتحول كبير، لأنها خرجت من عقلٍ جرّب، ومن قلبٍ فهِم الحياة كما هي، لا كما تُعرض.
البساطة ليست فقط في الحديث أو الملبس أو أسلوب العيش، بل في الطريقة التي ننظر بها إلى العالم. أن ترى الجمال في التفاصيل الصغيرة، أن تفرح دون حاجة لشيء خارق، أن تكون واضحًا دون أن تكون جارحًا، وأن تقول الكثير بصمت، هذا هو العمق الذي لا يراه إلا من عاش التجربة وفهم المعنى.
وفي زمنٍ تتزاحم فيه المظاهر، وتُفتعل فيه المشاهد، يصبح للبسيط حضور مدهش، وللعميق صوتٌ مختلف، لا يعلو فوق الجميع، لكنه يصل إلى من يستحق.
فلنتأمل، ولا نمر على الأشياء مرور العابرين. فلربما كان أبسط ما نراه، هو أعمق ما سنفهمه يومًا ما.
عزيزي القارئ، حين تمرّ على الأشياء البسيطة في حياتك؛ نظرة، موقف، كلمة، أو حتى لحظة هادئة، لا تستهِن بها؛ فقد تحمل في طيّاتها ما لم تقله الكتب، وما لم تُظهره الأيام.
تأمّل جيدًا، وأنصت أكثر، وامنح نفسك فرصة لاكتشاف العمق الذي لا يُرى في أول نظرة.
وفي زمن الازدحام، كن من أولئك الذين يقدّرون البساطة، ويفهمون العمق.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.




إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق