ضرورة الذكاء الاصطناعي: 5 خطوات ينبغي اتخاذها للارتقاء بخدمات القطاع العام

سعورس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
ضرورة الذكاء الاصطناعي: 5 خطوات ينبغي اتخاذها للارتقاء بخدمات القطاع العام, اليوم الثلاثاء 22 أبريل 2025 10:49 صباحاً

ضرورة الذكاء الاصطناعي: 5 خطوات ينبغي اتخاذها للارتقاء بخدمات القطاع العام

نشر بوساطة محمد أمين في الرياض يوم 22 - 04 - 2025

2128515
لم يعد الذكاء الاصطناعي مفهوماً مجرداً، بل أصبح حقيقة ماثلة أمامنا تعيد تشكيل القطاع العام في عموم أرجاء المنطقة. إلا أن هذا التحول لا يتوقف على مجرد تبني هذه التكنولوجيا الثورية، فلكي تستطيع الحكومات الاستفادة من إمكانات الذكاء الاصطناعي بشكل كلّي، عليها ألا تقوم فقط بتطبيق هذه التكنولوجيا، حيث أنها تتطلب وعياً وتخطيطاً استراتيجياً.
وللاستفادة من إمكانات الذكاء الاصطناعي بشكل حقيقي وتجنب المخاطر المترتبة عليها، يتعين على الحكومات التعامل مع العديد من الاعتبارات الأخلاقية المتداخلة، ومتطلبات أمن البيانات، والحاجة الملحة لتأهيل وإعداد القوى العاملة. وفي هذا المقال أضع بين أيديكم خمس خطوات رئيسية تضمن تسخير الذكاء الاصطناعي لتمكين المجتمعات، وتعزيز الحوكمة، وتحسين الخدمات العامة.
1. تحديد رؤية واضحة لدمج الذكاء الاصطناعي
تبدأ أي استراتيجية ناجحة لتطبيق الذكاء الاصطناعي من رؤية ثاقبة وواضحة، ولهذا يتوجب على الحكومات أن تبتعد عن المشاريع الفردية، وأن تتبنى نهجاً شاملاً يُوائِم مبادرات الذكاء الاصطناعي مع أولوياتها الوطنية، سواءً كان ذلك لتحسين الرعاية الصحية، أو تبسيط الخدمات العامة، أو تعزيز المرونة الاقتصادية.
ويمكن للذكاء الاصطناعي تسريع المهام وتقليل الأخطاء وتحسين تجربة المواطنين في مجال الخدمات العامة، مثل معالجة الضرائب أو إدارة الرعاية الصحية. إلا أن النجاح لا يقتصر على تحسين الكفاءة فحسب، بل يشمل أيضاً التأثير الأكبر الذي تسعى إليه الأطراف المعنية. ولهيا ينبغي على الحكومات وضع أهداف واضحة وقابلة للقياس، مثل تقليل أوقات انتظار الخدمات أو تحسين مستويات رضا المواطنين.
كما يجب أن يتم دعم هذه التوجهات والأهداف من خلال التعاون بين مختلف الجهات ذات الصلة، وذلك لكي تعمل حلول الذكاء الاصطناعي بسلاسة عبر مختلف الإدارات، بدلًا من أن تعمل بشكل منعزل ومستقل. وعندما تمضي الحكومات قدماً مع رؤية واضحة للذكاء الاصطناعي، فإنها تزيل المخاوف وتبني ثقة لدى الجمهور بأن الذكاء الاصطناعي مسخّر لخدمة الناس، لا ليحل محلهم.
1. وضع أطر أخلاقية للذكاء الاصطناعي
لا يمكن للذكاء الاصطناعي أن يكون جيداً إلا بقدر القيم التي يُبنى عليها. وتعتمد ثقة الجمهور بالذكاء الاصطناعي على العدالة والشفافية والمساءلة. ولبناء أنظمة ذكاء اصطناعي أخلاقية، ينبغي على الحكومات:
الحد من التحيز: إذ يجب تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي على مجموعات بيانات متنوعة تتمتع بمستويات تمثل واسعة وشاملة لمنع التمييز.
ضمان الشفافية: يجب أن تكون القرارات التي تستند إلى الذكاء الاصطناعي قابلة للتفسير، لا سيما في المجالات الحساسة مثل الرعاية الصحية، وإنفاذ القانون، والمنافع العامة.
إنشاء آليات إشراف قوية: يجب أن تتوافق حوكمة الذكاء الاصطناعي مع قوانين الخصوصية والقيم الديمقراطية، كما هو الحال في الأطر الرائدة المعمول بها، مثل قانون الذكاء الاصطناعي في الاتحاد الأوروبي.
ولا يقتصر الذكاء الاصطناعي الأخلاقي على الامتثال فحسب، بل يتعدى ذلك إلى الثقة، حيث ينبغي أن يشعر المواطن بالثقة والاطمئنان في أن قرارات الذكاء الاصطناعي عادلة وواضحة وتصب في مصلحته.
1. تعزيز أمن البيانات والبنية التحتية الجاهزة للذكاء الاصطناعي
بما أن الذكاء الاصطناعي يعتمد على البيانات، فمن الضرورة بمكان تأمين هذه البيانات وحمايتها. إذ بدون توفر ضمانات قوية، فإن الحكومات تُعرّض معلومات المواطنين الحساسة للتهديدات السيبرانية أو التأثيرات الخارجية. ولحماية الأمن الوطني والحفاظ على سيادية الذكاء الاصطناعي، يجب على الحكومات:
الاستثمار في بنية تحتية جاهزة للذكاء الاصطناعي: ويشمل ذلك الحوسبة عالية الأداء، وبيئات سحابية آمنة، وحلول ذكاء اصطناعي متقدمة تعالج البيانات داخل الحدود الوطنية.
ضمان خضوع البيانات للسيادة: حيث ينبغي على الحكومات إعطاء الأولوية لإنشاء بنية تحتية محلية للذكاء الاصطناعي، وتقليل الاعتماد على مزودي التكنولوجيا الأجانب. وتعمل شركات مثل Core42 في الإمارات العربية المتحدة، بالفعل على تطوير حلول سحابية سيادية للحفاظ على التحكم في البيانات.
تنفيذ سياسات قوية لحوكمة البيانات: ينبغي على الحكومات أن تقوم بتطوير لوائح واضحة تحدد كيفية جمع البيانات وتخزينها واستخدامها بشكل مسؤول.
وتستطيع الحكومات من خلال تأمين البنية التحتية وتطبيق حوكمة قوية، الاستفادة من الذكاء الاصطناعي دون المساومة على تحكمها بالبيانات أو ثقة الجمهور.
1. تعزيز مهارات القوى العاملة في القطاع العام
ولكي ينجح الذكاء الاصطناعي، يجب أن يكون الناس مستعدين للتعامل معه. وفي هذا السياق فإن بناء قطاع عام مُلِمّ بالتكنولوجيا لم يعد مجرد خيار، بل أصبح أمراً ضرورياً. ولبناء قوة عاملة مُهيأة للتعامل مع الذكاء الاصطناعي، ينبغي على الحكومات التركيز على:
برامج التدريب وإعادة التأهيل: والتي تزود القوى العاملة في القطاع العام بالمهارات اللازمة للاستفادة من أدوات الذكاء الاصطناعي بفعالية في أداء مهامهم اليومية.
توظيف متخصصين في الذكاء الاصطناعي: وذلك لسدّ الثغرات في الكفاءات من خلال توظيف خبراء، مثل علماء البيانات، ومهندسي التعلم الآلي، وخبراء في أخلاقيات الذكاء الاصطناعي.
تعزيز وبناء ثقافة ابتكار: لتشجيع تجربة واختبار أدوات الذكاء الاصطناعي لتحسين الفعالية واكتشاف تطبيقات جديدة.
وجدير بالذكر أن مؤشر جاهزية تبني التقنيات الناشئة لعام 2025 أظهر أن القطاع العام في المملكة العربية السعودية يتمتع بنسبة جاهزية للذكاء الاصطناعي والتقنيات الناشئة تبلغ 74.69٪. ومع تسارع تبني الذكاء الاصطناعي، ستكون الحكومات التي تُولي أولوية لتعزيز جهوزية قواها العاملة هي من يقود مسيرة التحول الرقمي ويحقق الريادة فيها.
1. بناء منظومات سيادية للذكاء الاصطناعي من خلال التعاون بين القطاعين العام والخاص
من نافل القول إن الابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي يزدهر في بيئات عمل ديناميكية وحيوية، تتعاون فيها الحكومات والشركات والأوساط الأكاديمية. ويمكن للشراكات القوية بين القطاعين العام والخاص أن تُحفّز البحث وريادة الأعمال، وتضمن أن تكون الأولويات المحلية هي من يوجه التنمية والتطور في هذا المجال. ويمكن للحكومات اتخاذ عدة خطوات لتطوير منظومات سيادية للذكاء الاصطناعي، منها:
دعم الشركات الناشئة المحلية العاملة في مجال الذكاء الاصطناعي والبحث والتطوير: والاستثمار في الشركات والمؤسسات البحثية التي تعمل على إيجاد حلول مُصممة خصيصاً لتلبية الأولويات الوطنية.
تقديم بيئات تنظيمية تجريبية: توفر بيئات آمنة للاختبار المُتحكم فيه لتطبيقات الذكاء الاصطناعي قبل نشرها على نطاق واسع.
تشجيع تبادل المعرفة: تعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص لتخطي العوائق، وتبادل الخبرات، وتسريع التقدم في المجالات المستهدفة.
ويمكن للحكومات من خلال تطوير قدرات ذكاء اصطناعي محلية، تقليل اعتمادها على مزودي التكنولوجيا الأجانب، وتعزيز الأمن الوطني، وإنشاء منظومات مكتفية ذاتياً. وتضمن هذه الجهود أن يظل الذكاء الاصطناعي في القطاع العام أداةً للتمكين، لا أداةً للتبعية.
كما تستطيع الحكومات من خلال الاستثمار في قدرات الذكاء الاصطناعي المحلية، إنشاء منظومات ذكاء اصطناعي مكتفية ذاتياً، ما يقلل الاعتماد على التقنيات الأجنبية ويضمن الأمن الوطني.
تشكيل مستقبل الذكاء الاصطناعي: مسؤولية جماعية
ومن المهم لفت الانتباه إلى أن الذكاء الاصطناعي السيادي ليس مجرد تكنولوجيا، بل هو التزامٌ بالحوكمة والأخلاقيات وتمكين المواطنين. وعلى الحكومات أن تقود جهود تشكيل الذكاء الاصطناعي برؤية واضحة، وأسس أخلاقية راسخة، وتعاون بين القطاعين العام والخاص. وبذلك فقط، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يصبح قوةً دافعةً للتقدم المجتمعي والمرونة الاقتصادية. ويجب أن نتحرك الآن وليس غداً لتنفيذ ذلك، إذ علينا جميعاً المساهمة بتشكيل الذكاء الاصطناعي لخدمة الصالح العام وبناء اقتصاد رقمي مرن.
* النائب الأول لرئيس شركة "دِل تكنولوجيز" في منطقة أوروبا الوسطى والشرقية والشرق الأوسط وتركيا وأفريقيا

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.




إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق