الاستمرار في السكوت

سعورس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الاستمرار في السكوت, اليوم الخميس 17 أبريل 2025 11:41 مساءً

الاستمرار في السكوت

نشر بوساطة ممدوح عدوان في الوطن يوم 17 - 04 - 2025

1163826
علاقة شعبنا بالكلمة علاقة خاصة. وموقفه منها ذو جانبين:
الجانب الأول، القرف، هناك حالة من القرف من كل نوع من أنواع الكلام، الناس يعيشون حاجة محرقة للفعل. ولذلك فإن أي نوع من الكلام يبقى، بالنسبة لهم، خارج دائرة الفعل. لأن الذين يفعلون في حياتهم قلة.
ولهذا فإن هناك جدارًا قائمًا بين الناس وبين ما يمكن أن تقوله لهم.
الجانب الثاني: الاغتسال. وأعني أن الناس إذا قبلوا بتجاوز الجدار الأول فإنهم يتجاوزونه لكي يغتسلوا بالكلمات. وإذا استطعت الالتقاء بهم وراء الجدار الأول فإنك ستقول لهم أحد الاحتمالات التالية: إما أن تقول لهم إنهم خير أمة أخرجت للناس فيبتسمون لك بهدوء ويسرون، فهم يعرفون أنك تكذب عليهم، وحين يصفقون لك تعرف أنهم قد كشفوا كذبتك، وأنهم يكذبون عليك بالتصفيق، كل ما في الأمر أنهم قرروا الاستراحة قليلا بسماع هذا الكذب.
وإما أن تقول لهم: إنكم معذبون ومهانون وفقراء ولكن المستقبل لكم، وعندها يستمعون لك، ويستسلمون لهذا الاطمئنان الخادع الذي منحته لهم، فقد ضمنوا المستقبل بنبوءتك، ولكنهم يخرجون وهم ينتظرون حدوث ذلك الشيء من خارج ذواتهم.
وإما أن تقول لهم: أنتم مقصرون وساكتون على العار والهزيمة والاحتلال والاستلاب. وعندها يصفقون لك ويقولون: إنك شجاع وإن كلامك صحيح والله.
ثم.. لا شيء.
وإما أن تقول لهم: لا يجوز الاستمرار في السكوت. يجب أن نفعل شيئًا للخلاص من كل ما نحن فيه، وعندها أيضًا يصفقون لك ويقولون: فعلا لا بد أن نفعل شيئًا.
ليس ما قلته حتى الآن إلا تبسيطًا، لقد وجد أخيرًا لنفسه تفسيرًا اطمأن إليه!! تسأل عن غائب ما:
إنه التطور.. التطور حركة، فمن صاحبها؟ هو ظاهرة من ورائها قوة تصنعها.. والتطور في جميع صوره لا يعني أكثر من نشاط.. الحديث عن التطور مثل الحديث عن العمل لا يقصد به إلا أنه قوة مخلوقة لا خالقة.. ولهذا فإنه لا يجيء في درجة واحدة؛ وإنما يجيء متفاوتا لتفاوت القدرات، والقول بالتفاوت أو الاعتراف به لا يحل مشكلة التفاوت في تطور الناس وتطور الأشياء. أما القول بالتطور فإنه يؤكد هذه المشكلة... فالأشياء والناس يجب أن يجيئوا متساوين.
كان الإنسان خامًا يضطرب في مناجم التاريخ لا يعرف نفسه ولا يعرفه أحد.. فمن هو المارد العظيم الذي جعله يتسلق الفراغ الرهيب ليملأه بوجوده الكبير الحديث؟
1975*
* كاتب وشاعر ومترجم سوري«1941 - 2004»

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.




إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق