نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
«سليمانية مكة».. الذاكرة الوثيقة, اليوم الأحد 13 أبريل 2025 08:20 صباحاً
نشر بوساطة صالح الصحن في الرياض يوم 13 - 04 - 2025
أن نتناول كتاب الإعلامي الصديق الأستاذ عدنان صعيدي الموسوم ب(سليمانية مكة) فهذا جزء من أهمية الإصدار أدبياً وثقافياً فضلاً عن الاعتزاز الكبير الذي نكنه له، ذلك المذيع العربي السعودي المتمرس الذي أشهر شغفه في الإعلام والثقافة، ومنذ البدء أعلن الكاتب في الأسطر الأولى أنها ليست مذكرات ولا رصداً تاريخياً، بل هي نبض الكلمات ورسم الذكريات، وحنين إلى الماضي.
فالكتابة عن المكان، حارة أم مدينة أم قرية، أم قمة جبل، فهي تدوين لكل ما يتمتع به هذا الجزء من الأرض، ولن يخلو من قيمة جمالية وأثر تعبيري في حياة السكان، فسليمانية مكة، نعدها بلدة سجلت على الزمن أثراً كبيراً في الذاكرة الاجتماعية والثقافية في أحضان نعمة المدن وأكرمها (مكة المكرمة) حيث القداسة والضيافة والمسجد الحرام، حارة يمر بها الشروق والغروب، ويصلها الأنواع والضروب.
وحقاً لوصف الكاتب أن (المدن تعشق)، وهذا ما تجول به ذاكرته المكتنزة مشاهد ومواقف اجتماعية وأيام المدرسة وكذلك الوجود بمقربة من الأزقة والدكاكين، وبيوتها المشبعة بملامح العرب القديمة وفلكلورها الأصيل وما تحمل من عادات وتقاليد والنمط الشعبي السائد فيها، وما لديها من مشتركات رابطة مع الحارات الأخرى المجاورة والبعيدة، وإن هذا جزء كبير من أرضية التدوين التاريخي التي يلجأ إليه المؤرخون في تثبيت الوقائع وسمات الأشخاص وأفعالهم والأماكن التي يمرون بها. فقد ذهب الكاتب إلى الشخصيات الشعبية وإلى القصاصين والرواة، وتمعن كثيراً في كتاب الصحافة ورجالاتها أمثال الشيخ أحمد السباعي، ورجال الثقافة وأجواد القوم في الحارة.
السليمانية تحظى بشرف الجوار للمقبرة المعلاة وقبر أمنا الفاضلة «السيدة خديجة بنت خويلد»، رضي الله عنها، وبيوتها القديمة والحديثة، وامتدادها من جبل جانشاه، وكان جزءاً كبيراً منها يحظى بإطلالة موقع مدفع رمضان الرابض على جبل قعيقعان، وقد ذكرنا الكاتب عدنان صعيدي، بعدد من أسماء أصحاب المحال والدكاكين وأنواعها، محمد شرف المطبقاني، وعبدالله الحربي وأحمد سندي، وعبدالله سندي، وهناك القصر والبستان والمدرسة، والعمارة، وفرق الرياضة، وأسواق الطعام المتعددة. ومن أبناء حارة سليمانية، الشيخ عبدالرحمن فقيه، صاحب كورنيش جدة، وكذلك الفنان الكبير حسن جاوا ابن الحارة ذاتها وكثير من المواهب الفنية كصدقة شلبي مدير التصوير التلفزيوني، ومحمد نور كاتب مدير محطة تلفزيون جدة، وآخرون عازفون على العود والكمان والقانون، وفي مدونة الكاتب صعيدي تثبيت الذاكرة التي اختزنها في حياته بالحارة ولقاءاته ومعرفته الحقيقية الحميمة مع أناسها، بمختلف أعمالهم ومهنهم، وجيهاً أو معلماً أو طبيباً أو حرفياً أو سائقاً أو تاجراً أو رياضياً أو كاتباً أو فناناً وغيرهم.
وقد سجل في الذاكرة قصة بناء وصناعة الباخرة التي بادرت فيها حارة السليمانية وعرض لها في (الحريق) احتفاء بعودة الملك سعود من رحلته العلاجية عام 1961 وسط حفل فني كبير حضره أبناء الحارة وما يجاورها وهي تكتسي اللون الأبيض وعليها شباب الحارة الذين يرتدون ملابس البحارة البيضاء.
عكف الكاتب في مؤلفه هذا على التسجيل الوثائقي للمكان والظاهرة والحدث وفعاليات أبناء الحارة وأسلوب تعاملهم مع بعض ومع الآخرين وما تتسم به السمات الفلكلورية لهذه البقعة الكريمة من الأرض النقية، وما تشمل من طقوس ومساجد وأسواق ودكاكين وبساتين ومطاعم وغيرها.
توقف الكاتب كثيراً عند فقد الراحل الشيخ عبدالقادر جانشاه عمدة حارة السليمانية، الرجل الفاضل الكريم الذي ترك من السجايا الطيبة السامية في ذاكرة أبناء حارته حباً وفخراً واعتزازاً.
وقد مر الكاتب صعيدي على كثير من التفاصيل المتعلقة بخصوصيات الحارة ومواقف رجالاتها بما تبعث عن الطرفة والحكمة والاستئناس بروح الدعابة والحياة البسيطة الكريمة.
«سليمانية مكة «إصدار قرأناه بتدوين حرفة الكتابة الناطقة في السرد وبناء الجمل والعبارات الشعبية والمواقف الحياتية بمفهوم بعيد عن المصطلحات المركبة، وإنما بث فيه روح الصدق وصور الحقيقة فهو يعد «الذاكرة الوثيقة» من وثائق الحياة لسكان حارة سليمانية مكة وأهلها الكرام.
* كاتب عراقي
انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.
0 تعليق