نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
مغامرة الكتابة.. مقاربات نصية لنبيل موميد, اليوم الخميس 20 مارس 2025 10:09 مساءً
نشر بوساطة حسين الحربي في الرياض يوم 20 - 03 - 2025
عن دار الآن ناشرون وموزعون بعمّان - الأردن، صدر للكاتب والمترجم المغربي «نبيل موميد» كتاب جديد بعنوان: مغامرة الكتابة ولذة الأدب مقاربات نصية، وذلك في 140 صفحة من القطع الكبير.
ويندرج هذا الكتاب في إطار الدراسات التي تنشغل بالبحث في ما يحفل به الحقل الأدبي من ظواهر عدة أسالت حبرًا كثيرًا حول سُبل دراستها وكيفيات مقاربتها، وما أفرزه ذلك من ظهور عدة مناهج تروم الاقتراب من فهم عوالم المبدعين واستكناه غوامضها، ولا سيما أنهم يُضَمِّنُون مؤلفاتهم وجهات نظرهم حول الواقع المجتمعي الذي يعيشونه، ومختلف التحولات التاريخية التي يكونون شاهدين عليها. فمن مناهج تركز على السياق الاجتماعي للمؤلف، إلى ثانية تبحث في انعكاس نفسيته على إبداعه، إلى ثالثة تتحرر من كل هذا وتركز على النص المنتج بدون الانشغال بعوامل خارجية...
بيد أن المقاربة التحليلية المنصتة لنبض النص تجعل الدّارس يتحرر من قيود المنهج، وتترك له حرية تتبع خلجاته، والبحث في غوامضه؛ ولعمري تتيح هذه الطريقة التعامل مع النص بعيدًا عن تحميله ما لا يحتمله، وفي منأى عن كل قراءة بروكرستية (نسبة إلى أسطورة بروكرست الإغريقية) تشوه مضمونه وتبعده عن غايته، وتبعدنا نحن عن مقصديته ومرماه.
في هذا السياق، يروم هذا السِّفر تحقيق هدف مركب: أولاً تقديم مقاربات عدة لنصوص تتراوح بين السردي والشعري، وثانيًا البحث في بعض المنهجيات التي قدمت مقاربات مخصوصة للنص الأدبي، قبل الانكباب –ثالثًا وأخيرًا– على تقديم بعض الأسماء الأدبية العالمية التي كانت مغمورة وغير مجهولة بالنسبة إلى القارئ العربي، إلا أنها لامست العالمية بعد فوزها بجوائز عالمية مرموقة؛ ويهمنا بالأساس التركيز على ما يميز إبداعهم الأدبي، وعلى ما جعله يرتقي من المحلية الضيقة إلى العالمية الرحبة.
وعلى هذا الأساس، ينقسم الكتاب إلى أقسام ثلاثة: قسم أول موسوم ب (مقاربات نصية) يتفرع إلى مستويين اثنين: «مقاربات نصية في السرد»؛ يتكون من دراستين اثنتين: أوقفت الأولى معنونة بحكي الذات ومسرحة النوع القصصي على مقاربة نص سردي مغربي غير معروف -اعترافات ظنين- ينتمي إلى ما يمكن أن نصطلح عليه «القصة الطويلة»، والبحث في عمقه النصي، والحوار الذي أقامه من الناحية البنائية مع الشكل المسرحي. بينما كانت الدراسة الثانية على موعد مع الأدب المغربي الناطق بالفرنسية من خلال رواية أغنشيش للروائي العالمي «محمد خير الدين». في حين بحثت الدراسة الثالثة المعنونة بالرواية الإفريقية النسائية وطموح التحرر في الطريقة التي عبرت بها المثقفة الإفريقية عن هواجسها ومشكلاتها ومشكلات مجتمعها –من خلال رواية رسالة طوية جداً– وعن مختلف القضايا الْمُلِحّة التي تدعم تحرر المرأة من ربقة الجمود والتقليد في القارة السمراء. أما المستوى الثاني: «مقاربات نصية في الشِّعْر»، فيبحث في الشعر العربي من خلال دراستين اثنتين؛ انكبت الدراسة الأولى المعنونة بانفتاح النص الشعري وتشاكل مستويات التأويل على الحفر في نص من نصوص الشاعر المغربي الكبير «عبد الكريم الطبال»، وحاولت أن تنظر إليه من زاوية شكلية، تنطلق من البنية النصية لتحديد المعنى، وتستنطق البناء العام للنص بغرض تحديد دلالة تبقى في النهاية غير ملزمة للآخر. بينما بحثت الدراسة الثانية المعنونة بالخروج عن المعيار العروضي في الشعر العربي المعاصر في إشكالية أسبقية الشعراء العرب القدامى إلى الشعر الحر من خلال استنطاق نصوص تعود إلى حقب زمانية متباعدة، ونصوص مختلفة في بنياتها الشكلية وحساسيات مبدعيها.
وأما القسم الثاني الموسوم ب (قضايا وظواهر نقدية) فيتفرع –كذلك– إلى مستويين اثنين: أما المستوى الأول: «من تاريخ الأدب إلى جمالية التلقي» فيتكون من ثلاث دراسات: أُفردت الأولى والثانية – المعنونتين على التوالي ب التاريخ المقارن لآداب اللغات الأوروبية، والتاريخ الأدبي بين «غوستاف لانسون» و»طه حسين» - لتقديم صورة حول منهج نقدي مؤسِّس هو المنهج التاريخي؛ وذلك من خلال علميه البارزين؛ الفرنسي «غوستاف لانسون»، والمصري «طه حُسين»، ومن خلال البحث في مشروع عملاق يروم التأريخ للأدب العالمي. وتوقف الباحث في الدراسة الثالثة المعنونة بجمالية التلقي عند نظرية تجاوزت نظريات الإنتاج والتوزيع صوب الاهتمام بالمتلقي. وأما المستوى الثاني: «تعالقات سردية» فيهتم عبر ثلاث دراسات بفن السرد؛ فإذا كان بحث مدخل إلى السيرة الذاتية قد ركز على جنس السيرة الذاتية من خلال نماذج عربية من المشرق والمغرب، فإن بحث الرواية العربية والواقعية الاشتراكية قد حصر اهتمامه في مدى تعبير الرواية العربية عن واقعها المعيش بالنظر إلى تأثرها بالتيار الماركسي في الأدب، بينما اهتم بحث بين المسرح وعلم العلامة (خصوصيات العلاقة) بالعلاقة الممكنة بين كل من المسرح بوصفه ممارسة مُركَّبة، نصية ورُكْحِيَّة في ذات الآن، والسيميولوجيا بوصفها منهجًا تحليليًا جديدًا.
في حين أن مدار الحديث في القسم الثالث الموسوم ب (مغمورون ولكن... عالميون) عن بعض أهم أدباء العالم ممن كانوا غير معروفين على الصعيد العالمي، بيد أن تتويجهم بجائزة نوبل للآداب، أو بجائزة غونكور الفرانكوفونية المرموقة، أو بجائزة الأكاديمية الفرنسية كان له الفضل في جعلهم عالميين، وجَعْل أسمائِهم ونِتاجهم يُتَدَاوَل –من خلال الترجمة– في العالم بأكمله؛ ومنهم على سبيل التمثيل: الأمريكية من أصول إفريقية توني موريسون، والبريطاني من أصول إفريقية مسلمة عبد الرزاق قرنح، والفرنسي من أصول إفريقية محمد مبوغار سار...
وعلى العموم، يبحث «نبيل موميد» من خلال هذا السِّفر عن التأكيد أن الإبداع الأدبي إبداع روحي يسمو بمنتجيه ومتلقيه إلى آفاق عليا، ويتيح عيش حيوات متعددة من خلال تجارب ثرة –واقعية وخيالية– تلامس جوانب حياتية متعددة. ولن يتأتى فهم هذا الأدب وتذوقه وتمثل تمفصلاته واستيعاب تحوراته وعلاقتها بالمجتمعي اليومي إلا من خلال التحليل النقدي المتتبع لخبايا النصوص، ولما تخفيه سطورها من عوالم. ولذة الأدب، كما يؤكد «موميد»، لن تنبع سوى من طبيعته الكونية، وخصوصيته التعبيرية، وطاقته الإبداعية؛ فهو مغامرة يمتطي صعابها المبدعون، وينخرطون - ويخاطرون في ذات الوقت - في سيرورة من البوح، والتذكر، والاستشراف... بحثا عن إشباع شغفهم، وتقديم جزء منهم/ من كَوْنِهِم للمتلقي الباحث عن كل جديد.
انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.
0 تعليق