رمضان.. واغتيال فرحة الإفطار

سعورس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
رمضان.. واغتيال فرحة الإفطار, اليوم الأحد 16 مارس 2025 08:13 مساءً

رمضان.. واغتيال فرحة الإفطار

نشر بوساطة عبد العزيز بن عبد الرحمن الشبرمي في الوطن يوم 16 - 03 - 2025

1162504
في رمضان ساعات جميلة، ولحظات ممتعة، ولقاءات رائعة، جعلت منه شهرا يختلف عن بقية شهور العام، علاوة على أنه موسم للطاعات المتنوعة، وميدان للتنافس في العبادات الذاتية، والقربات النفعية المتعدية للآخرين.
وعندما أخبر الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- أن للصائم فرحتين: فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه، فإن فرحة الإفطار متعددة الأسباب، فهي عنوان للتفاؤل بإتمام العبادة بنجاح، وفرحة بالعودة لضرورات الحياة من الطعام والشراب، وفرحة هي محور حديثي في هذه المقالة، وهي فرحة اجتماع الأسرة الصغيرة، ولقاء أفراد البيت الواحد، بعد أن كانت وجبات الشهور الأخرى محلاً للغياب، والاعتذار بالدراسة أو النوم أو العمل.
فرحة يتذوقها الصائمون في بيوتهم، سواء بيوت الأغنياء أو الفقراء، تتجاوز نوعية الطعام وكميته، فرحة باجتماع الأب، والأم، والأخ، والأخت، الكبار والصغار، حتى المسن في كرسيه، والطفل مع لعبته، ينتظرون إذن الله، وأذان بيت الله، ليؤكد في روعهم «الله أكبر» «الله أعظم» «الله أرحم» «الله أحكم».
فرحة الإفطار العائلي فرحة غالية جدا، لا يجوز أن يحرم منها إلا مريض معزول، أو محبوس في جرم مرذول. أما أن يغتالها ضيوف - في الحاضرة - ثقلاء لهم بيوت، وأزواج، وأولاد، يحرمون أسرهم وأسرة مضيفهم من تلك الفرحة النادرة، والمناسبة غير المعوضة، فذلك حمق ليس من الكرم في شيء، أو يستعيضها متنسك بإفطار في المسجد بقصد الحرص على العبادة والتبكير للصلاة، فهذا خلل في فهم العبادات التي منها ما لا يتم الأمر إلا بذات الإنسان، التي يصح أن يُعبّر عنها بفروض الأعيان من صلة الرحم، وبر الوالدين، ومؤانسة الأهل، وتشجيع العيال، والقرب منهم، ونشر السعادة العائلية التي تغيظ الشيطان، وتوهن معاول الأعداء.
أما أن يستبدل بتلك الفرحة العائلية النادرة واللحظات الأسرية الغالية الإفطار في الأحواش والاستراحات مع الأصدقاء فذلك عقوق للأسرة، وكفر بنعمة النسب، ومحاكاة لإخواننا مجهولي الهوية المساكين الذين يتمنون هذه النعمة العظيمة، ولو كان إفطارهم على كسرة خبر ورشفة ماء.
أما الذين يجتهدون في توزيع سلال الإفطار عند إشارات المرور ومخيمات الإفطار، فاجتهادهم أيضا محل نظر، وقد دُخلوا من فهمهم أن طبيعة لحظات الإفطار هي أكل وشرب فقط، وفات عليهم بقية المعاني السامية التي لا يمكن أن تستعاض بأي عوض، وإلا لو فهموا أن الإفطار مع الوالدين والأهل والأولاد بر، وصلة، وتربية، وسعادة للذات، وإسعاد للأقربين الذين هم أولى بالمعروف لاخترعوا ألف طريقة لتوزيع سلال الإفطار دون حضورهم في تلك المواطن المفضولة، ولاغتنموا كل لحظة من لحظات الإفطار مع العائلة الصغيرة، ولما أقدموا على اغتيالها بسكين الاجتهاد الخاطئ.
أيها الصائمون: لست أدعو إلى البخل في إطعام الطعام، ولا إغلاق البيوت أمام الضيوف، فرمضان كريم، وموسم للكرم، وإطعام الطعام، ولكني أضِنُّ بلحظات صغيرة في المبنى، كبيرة جدا في المعنى، يمكن أن يمتحن الكرم في غيرها، مثل موائد العشاء أو السحور، أو الضيافة بالتفطير عن بُعد، وتوكيل الإشراف عليها للمغتربين الذين قدّر الله عليهم مفارقة أسرهم، فاستعاضوا عنها بأصدقائهم وبني جلدتهم من المغتربين.
خاتمة القول: إن نفيس تلك اللحظات، وروعة تلك الأوقات، التي لا يصح لعاقل غير معذور أن يستبدل بها الأدنى منها، يجعلنا نُكْبرُ أولئك الذين حُرموا منها بسبب خدمة الدين أو الوطن، من مؤذني المساجد، ورجال الأمن البواسل، وحراس الحدود المرابطين، ورجال الصحة المثابرين، وأمثالهم ممن يقومون بفروض الكفايات، وقدموا خدمة المصلحة العامة على مصالحهم الشخصية، وبقيت أسرهم الصغيرة دونهم يتناولون الإفطار الظاهر، ولكن دون بهارات السعادة باجتماع العائلة، نعم كل العائلة. دامت موائد إفطاركم سعيدة بكم وحدكم، وجنة الضيوف (وقت الإفطار) منازلهم.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.




إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق