نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
تأثير التجارب, اليوم الأحد 16 مارس 2025 01:22 صباحاً
نشر بوساطة فهد بن سعد القثامي في الرياض يوم 16 - 03 - 2025
القصة وما وراءها من تجارب هي لبُّ الإعلام الحديث، وبناء الرسائل من خلالها يتجاوز تأثير المواد الإعلامية التقليدية، فحسُّ الانتباه للقصة يأخذ حيزاً كبيراً من تفاصيل متابعيها، ويشكِّل طريقة تعاطيهم مع الأمور الحياتية.
ونتيجةً لهذه الشعبية، تحوَّلت بعض المنصات الإعلامية لبيع المحتوى، واستثمار السياق العام لجماهيرية القصة وتجارب أصحابها لخوض غمار العائد المادي، وتطوَّر ليصبح أداةَ تأثيرٍ عاطفي وعقلي، من خلاله يُوَجَّه المحتوى بأسلوبٍ يتناسب مع توقعات الجمهور وتحفيز مشاعره، ما يجعله أكثر استعداداً للتفاعل معه بغض النظر عن جودته، ما دام أنه يلبِّي رغباته، وهذا امتدَّ إلى استراتيجيات التسويق وصناعة المحتوى، فأصبحت العلامات التجارية تعتمد على السرد القصصي الذي يوصِّل رسائلها بطريقةٍ غير مباشرة لكنها مؤثرة، إذ لم يعد الإعلان المباشر بالكلمات الجامدة فعَّالاً بقدر ما باتت القصة والتجربة الحيَّة وسيلةً لإيصال الفكرة وترسيخها في أذهان الجمهور، حيث يشعر المتلقِّي أنه جزءٌ من الحكاية، أو على الأقل متصلٌ بها وجدانياً، وبذلك تتحقق كلُّ الأهداف التسويقية.
هذا التوجه نحو جعل القصص والتجارب محوراً أساسياً لجذب التفاعل يثير تساؤل عن مدى أصالة هذه القصص، إذ ربما يعتريها تضخيمُ الأحداث بهدف تحقيق أعلى تفاعلٍ وانتشار، خصوصاً حينما يكون المحتوى مدفوعاً، وهذه الممارسة لا تؤثر فقط في مصداقية المحتوى، بل تؤدِّي إلى تشويه فهم الجمهور للواقع، حيث يصبح من الصعب التمييز بين ما هو حقيقي وما هو موجَّهٌ لأغراضٍ تجارية أو أيديولوجية.
واليوم، لا يمكن لنا أن ننكر قوة التجربة في التأثير في الأفراد والمجتمعات، فهي تشكِّل عاملاً نفسيّاً بالغ الأهمية في إيصال الفكرة وإحداث التغيير، وهذا يضع مسؤوليةً على المتلقِّي في أن يكون واعياً ومدركاً لطبيعة المحتوى الذي يتعرَّض له، وألَّا يسمح لاندفاع العاطفة أن يكون الحكم الوحيد في تفاعله مع القصص التي تُعرض عليه، فالتجربة تملك سحراً خاصّاً في نقل المشاعر والأفكار، لكنها لا تعني دائماً الحقيقة المطلقة، لذلك بات مهمّاً أن يكون المتلقِّي واعياً وانتقائياً فيما يشاهده أو يستمع إليه، بحيث لا يفقد قدرته على التفكير النقدي حينما يتأثر بالمحتوى. في المقابل، تحتاج المنصات الإعلامية إلى تحقيق توازنٍ بين التأثير والاستفادة التجارية، دون أن تفقد روح الصدق والشفافية، وهذا التوازن ليس سهلاً، ويحتاج إلى معاييرَ أخلاقيةٍ واضحةٍ تحكم عملية إنتاج المحتوى وتسويقه، بحيث لا يتحوَّل التفاعل الجماهيري إلى مجرد أداةٍ لاستغلال المشاعر وتحقيق الأرباح دون مراعاة التأثيرات طويلة المدى.
انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.
0 تعليق